فصل: الطرف الأول فيما يكتب عن العلماء وأهل الأدب:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: صبح الأعشى في كتابة الإنشا (نسخة منقحة)



.الفصل الخامس من الباب الأول من المقالة العاشرة فيما يكتب عن العلماء والأدباء والقضاة مما جرت العادة بمراعاة النثر المسجوع فيه ومحاولة الفصاحة والبلاغة:

وفيه طرفان:

.الطرف الأول فيما يكتب عن العلماء وأهل الأدب:

ثم هو على صنفين:
الصنف الأول: الإجازات بالفتيا والتدريس والرواية وعراضات الكتب ونحوها:
أما الإجازة بالفتيا، فقد جرت العادة أنه إذا تأهل بعض أهل العلم للفتيا والتدريس- أن يأذن له شيخه في أن يفتي ويدرس، ويكتب له بذلك.
وجرت العادة أن يكون ما يكتب في الغالب في قطع عريض، إما في فرخة الشام أو نحوها من البلدي، وتكون الكتابة بقلم الرقاع أسطراً متوالية، بين كل سطرين نحو إصبع عريض.
وهذه نسخة إجازة بالفتيا والتدريس على مذهب الإمام الشافعي رضي الله عنه وأرضاه، كتبت لي حين أجازني شيخنا العلامة سراج الدين أبو حفص عمر بن أبي الحسن الشهير بابن الملقن سقى الله تعالى عهده، عند قدومه ثغر الإسكندرية، وأنا مقيم به في شهور سنة ثمان وسبعين وسبعمائة، وكتب لي بذلك القاضي تاج الدين بن غنوم موقع الحكم العزيز بالإسكندرية في درج ورق شامي في قطع الشامي الكامل، وسني يومئذ إحدى وعشرون سنة فضلاً من الله ونعمة.
ونسختها بعد البسملة الشريفة: الحمد لله الذي رفع للعلماء مقداراً، وأجزل نعمه عليهم إذ أعلى لهم مناراً، ووفق بسواء الطريق من اقتدى بهم إيراداً وإصداراً، أشرعت هممهم العلية في حلبة السباق فهي لا تجارى، وتحلوا بالمفاخر جهراً وقد عجز غيرهم أن يتحلى بها إسرار؛ أبرز بهم في هالات المفاخر أقماراً، وأزال بضياء علومهم ريب الشك حتى عاد ليل الجهالة نهاراً؛ جعلهم لدينه أنصاراً وصيرهم نخبة أصفيائه إذ أودعهم من المعارف أسراراً، واختصهم بكونهم ورثة أنبيائه: وناهيك بها فخاراً.
أحمده حمد من هدي إلى الحق فجعله شعاراً، واستضاء بنور الهدى فلجأ إلى مولاه في حالتي سره وجهره افتقاراً، وعجز عن شكر ما أسدى إليه من النعم لما توالى عليه وبلها مدراراً، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تصديقاً وإقراراً، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله أرسله والأصنام قد عبدت جهاراً، والكفار قد أعرضوا عن الحق استكباراً، فقام بأمر الله انتصاراً، وقهر من أعرض عن الله اغتراراً، وأخمد بضياء نوره الباطل وأهدره إهداراً، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه صلاة تزيدنا في ديننا استبصاراً، وتحط عنا من ثقل الذنوب أوزاراً، وتبوؤنا إن شاء الله تعالى في دار الخلود قراراً.
أما بعد، فقد وضح لذوي الأبصار والبصائر، واتضح عند ذوي الأسرار والسرائر، واستقر عند ذوي القلوب السليمة، والعقول الراجحة المستقيمة، أن منزلة علم الشريعة عند الله تعالى أعلى المنازل، وفضله أفضل المآثر وآثر الفضائل، وخصوصاً معرفة تفاصيل أحكام أفعال المكلفين بالشريعة المحمدية، التي من علمها وعمل بها وعلمها فقد سعد السعادة الأبدية؛ إذ هي الشريعة الجامعة لمصالح الدنيا والآخرة، الناسخة لما خالفها من الشرائع الغابرة، الباقية إلى أن يأتي وعيد الله وكل شريعة سواها دائرة؛ فقد أعظم الله تعالى على من حفظها على عباده المنة، إذ جعله وقاية لهم من مهالك الجهل وجنه، ووعده أن ينزل في أعلى منازل الجنة، لما شهدت به نصوص الكتاب والسنة؛ قال الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم: {وقل رب زدني علماً}، فنبهه على أن العلم أقوى أسباب العبادة، إذ خصه به وحضه على أن يطلب منه الزيادة، وقال تعالى: {وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم}، فثنى بذكرهم بعده، لكونهم أفضل الخلائق عنده، وقال تبارك وتعالى اسمه، وتقدس علمه: إنما يخشى الله من عباده العلماء؛ فأوضح بذلك أن أولياءه من خلقه العلماء؛ إذ وصفهم وخصهم بأنهم الخائفون منه الأتقياء. وقال عليه السلام: «من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين»، وقال أيضاً: «من سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سهل الله له طريقاً إلى الجنة»، وقال أيضاً: «ألا أن الدنيا ملعونة ملعون ما فيها إلا ذكر الله تعالى وما والاه، وعالم ومتعلم».
ولما كان فلان- أدام الله تعالى تسديده وتوفيقه، ويسر إلى الخيرات طريقه- ممن شب ونشأ في طلب العلم والفضيلة، وتخلق بالأخلاق المرضية الجميلة الجليلة، وصحب السادة من المشايخ والفقهاء، والقادة من الأكابر والفضلاء، واشتغل عليهم بالعلم الشريف اشتغالاً يرضي، وإلى نيل السعادة- إن شاء الله تعالى- يفضي- استخار الله تعالى سيدنا وشيخنا وبركتنا العبد الفقير إلى الله تعالى، الشيخ الإمام العلامة، الحبر الفهامة، فريد دهره، ونسيج وحده، جمال العلماء، أوحد الفضلاء، عمدة الفقهاء والصلحاء، سراج الدين، مفتي الإسلام والمسلمين، أبو حفص عمر ابن سيدنا العبد الفقير إلى الله تعالى، الشيخ الإمام العالم، العامل، الأوحد، الكامل، القدوة، المرحوم نور الدين أبي الحسن على، ابن سيدنا العبد الفقير إلى الله تعالى، الشيخ الصالح، الزاهد، العابد، الخاشع، الناسك، القدوة، المرحوم شهاب الدين بركة الصالحين، أبي العباس أحمد، ابن سيدنا العبد الفقير إلى الله تعالى، الشيخ الصالح، القدوة العارف، المرحوم، شمس الدين أبي عبد الله محمد الأنصاري الشافعي، أدام الله تعالى النفع به وببركته، وأشركنا والمسلمين في صاح أدعيته، بمحمد وآله وصحبه وعترته.
وأذن وأجاز لفلان المسمى فيه، أدام الله تعالى معاليه، أن يدرس مذهب الإمام المجتهد المطلق العالم الرباني، أبي عبد الله محمد بن إدريس المطلبي، الشافعي، رضي الله عنه وأرضاه، وجعل الجنة متقلبه ومثواه، وأن يقرأ ما شاء من الكتب المصنفة فيه، وأن يفيد ذلك لطالبيه، حيث حل وأقام، كيف ما شاء متى شاء وأين شاء، وأن يفتي من قصد استفتاءه خطاً ولفظاً، على مقتضى مذهبه الشريف المشار إليه: لعلمه بدياناته وأمانته، ومعرفته ودرايته، وأهليته لذلك وكفايته.
فليتلق أيده الله تعالى هذه الحلة الشريفة، وليترق بفضل الله تعالى ذروة هذه المرتبة المنيفة، وليعلم قدر ما أنعم الله تعالى عليه، وأسدى من الإحسان الوافر إليه، وليراقبه مراقبة من يعلم اطلاعه على خائنة الأعين وما تخفي الصدور، وليعامله معاملة من يتحقق أنه يعلم ما يخفيه العبد وما يبديه في الورود والصدور، ولا يستنكف أن يقول فيما لا يعلم: لا أعلم: فذاك قول سعد قائله. وقد جاء: جنة العالم لا أدري فإن أخطأها أصيبت مقاتله؛ فالله تعالى يرزقنا وإياه التوفيق والتحقيق، ويسلك بنا وبه أقرب طريق، ويهدينا إلى سواء السبيل، فهو حسبنا ونعم الوكيل.
وكتب في تاريخ كذا.
وكتب شيخنا الشيخ سراج الدين المشار إليه تحت ذلك بعد حمد الله تعالى ما صورته: ما نسب إلي في هذه الإجازة المباركة من الإذن لفلان- أدام الله تعالى النفع به، وأجرى كل خير بسببه، بتدريس مذهب الإمام المطلبي، محمد بن إدريس الشافعي، قدس الله روحه، ونور ضريحه، والإفتاء به لفظاً وخطا- صحيح. فإنه ممن فاق أقران عصره بذكائه، وبرع عليهم بالاستحضار وتحرير المنقول ووفائه.
وقد اعتنى وفقه الله تعالى وإياي من جملة محفوظاته بـ مختصر الجوامع لشيخنا العلامة كمال الدين النشائي، تغمده الله تعالى بغفرانه، فاستحضر بحضرتي مواضع منه جمة، وأزال ببديع فصاحته جملة مدلهمة، وأظهر من مشكلاته ما يعجز عنه اللبيب، ومن أغاريبه ما يقف عنده البارع الأريب.
فليتق الله حينئذ فيما يبديه، وليتحر الصواب في لفظه وخطه وليراقب الله فيه؛ فإنه موقع عن الله تعالى فليحذر الزلل، ومحاولة الخطأ والخطل، ويستحضر ما اشتملت عليه من الجلالة، فإن الله تعالى تولاها بنفسه حيث قال: {يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة}.
وأجزت له مع ذلك أن يروي عني ما لي من التآليف، ومنها جامع الجوامع أعان الله على إكماله، وكذا شرح صحيح الإمام أبي عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري، ومنها البدر المنير في تخريج الأحاديث والآثار الواقعة في الشرح الكبير للإمام أبي القاسم الرافعي، وبه تكمل معرفة الفقيه ويصير محدثاً فقيهاً.
وأجزت له مع ذلك ما جاز لي وعني روايته بشرطه عند أهله، زاده الله وإيايا من فضله؛ ومنها الكتب الستة: البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة، والمسانيد: مسند أحمد ومسند الشافعي وغير ذلك.
وكان ذلك في تاريخ كذا. وكتب عمر بن علي بن أحمد الأنصاري الشافعي، غفر الله لهم: حامداً ومصلياً ومسلماً وأشهد عليه جماعة من أهل العلم بآخره.
قلت: وتكون ألقاب المجاز على قدر رتبته، مثل أن يكتب له: الفقير إلى الله تعالى، الشيخ، الإمام، العالم العامل، الأوحد، الفاضل، المفيد، البارع، علم المفيدين، رحلة القاصدين، فلان الدين؛ أبو فلان فلان بن فلان بحسب رتب آبائه. وإنما أهملت ذكر الألقاب في هذه الإجازة، من حيث أنه لا يليق بأحد أن يذكر ألقاب نفسه في مصنف له، لأنه يصير كأنه أثنى على نفسه.
وأما الإجازة بعراضة الكتب، فقد جرت العادةأن بعض الطلبة إذا حفظ كتاباً في الفقه، أو أصول الفقه، أو النحو، أو غير ذلك من الفنون، يعرضه على مشايخ العصر، فيقطع الشيخ المعروض عليه ذلك الكتاب، ويفتح منه أبواباً ومواضع، يستقرئه إياها من أي مكان اتفق، فإن مضى فيها غير توقف ولا تلعثم، استدل بحفظه تلك المواضع على حفظه لجميع الكتاب، وكتب له بذلك كل من عرض عليه، في ورق مربع صغير، يأتي كل منهم بقدر ما عنده من الملكة في الإنشاء وما يناسب ذلك المقام من براعة الاستهلال ونحوها: فمن عالٍ، ومن هابط. وربما خفف بعضهم فكتب: وكذلك عرض علي فلان، أو: عرض علي وكتبه فلان: إما رياسة وتأبياً عن شغل فكره وكد نفسه فيما يكتبه، وإما عجزاً عن مضاهاة من يكتب معه.
وقد اخترت أن أضع في هذا المحل ما وافق الصنعة، وجرى على أسلوب البلاغة.
فمن ذلك ما كتب به الشيخ الإمام العلامة، لسان العرب، وحجة الأدب، بدر الدين محمد بن أبي بكر المخزومي المالكي للنجل النبيل الذي تنتهي الألقاب ولا نهاية لمناقبه، شهاب الدين أبي العباس أحمد ابن سيدنا الفقير إلى الله تعالى، ذي الأوصاف التي تكل شبا الألسن عن حدها، شمس الدين أبي عبد الله محمد العمري الشافعي، حين عرض عليه عمدة الأحكام للحافظ عبد الغني، وشذور الذهب للشيخ جمال الدين بن هشام، في رمضان سنة سبع عشر وثمانمائة؛ وهو:
أما بعد حمد الله على كرمه الذي هو عمدتنا في النجاة يوم العرض وناهيك بها عمدة، وسندنا الذي لا يزال لسان الذوق يروي حديث حلاوته عن صفوان بن عسال من طريق شهدة والصلاة والسلام على سيدنا محمد الذي أحيا بروح سنته الشريفة كل من جاء ومن ذهب، وأعربت كلماته النفيسة عن عقود الجوهر وشذور الذهب وعلى آله وصحبه الذين أحسنوا الرواية والدراية، وبنوا الأمر على أساس التقوى وأعربوا عن طرق الهداية، ما انهل من أفق الكرم المحمدي كل عارض صيب، وتحلت الأسماع والأفواه من أخباره بنفائس الشذور البديعة وحلاوة الكلم الطيب- فقد عرض علي الجناب العالي البارعي، الأوحدي، الألمعي، اللوذعي، الشهابي، شهاب الدين، نخبة النجباء، أوحد الألباء، نجل السادة العظماء، سلالة الأعيان العلماء، أبو العباس أحمد ابن سيدنا المقر الكريم العالي، المولوي، العالمي، الفاضلي، البليغي، المفيدي، الفريدي، المفوهي، الشمسي، العمري، أطاب الله حديثه، وجمع له بالإعراب عن علو الهمة قديم الفضل وحديثه- طائفة متفرقة من عمدة الأحكام للحافظ عبد الغني المقدسي، وشذور الذهب للعلامة جمال الدين بن هشام رحمة الله عليهما- عرضاً قصرت دونه القرائح على طول جهدها، وكانت الألفاظ الموردة فيه لأمة حرب الفئة الباغية عليه فأحسن عند العرض في سردها، وزين- أبقاه الله- تلك الأماكن بطيب لحنه وإعراب لفظه، وآذن امتحانه فيها بأن جواهر الكتابين قد حصلت بمجموعها في خزانة حفظه.
فحبذا هو من حافظ روى حديث فضله عالياً وتلا على الأسماع ما اقتضى تقديمه على الأقران فلله دره مقدماً وتاليا، وسار في حكم العرض على أعدل طريق وناهيك بالسيرة العمرية، وصان منطقه عن خلل المعاني وكيف لا؟ وقد تمسك بطريقة والده وهي المقدمة الشمسية، وسابق أقرانه فكانت له زبدة التفضيل في حلبة السباق، وطابق بين رفع شأنه وخفض شانيه ولا ينكر لمن هو من هذا البيت حسن الطباق، واشتغل فلم يقع التنازع في حسن دخوله من باب الاشتغال، ونصب فكره لتحصيل العلم فتعين تمييزه على كل حال، وتوقدت نار ذهنه فتلظى حاسده بالالتهاب، ورويت أحاديثه بالغة في العلو إلى سماء الفضل ولا بدع إذا رويت أحاديث الشهاب، وافتخر من والده بالفاضل الذي ارتفع في ديوان الإنشاء خبره، وهز المعاطف بتوقيعه الذي لا يزال يحرر ويحبره، ووشى المهارق فكأنما هي رياض قد غرد فيها بسجعه، ونحاها بإنشائه الذي هو عمدة المتأدبين فلا عجب في رفعه، ونظم ببيانه نفائس الدرر ففدتها بالعين صحاح الجوهري، وفتح بجيش بلاغته معاقل المعاني الممتنعة وحسبك بالفتح العمري:
بيانه السحر قد أخفى معاقده ** لكن أرانا لسر الفضل إنشاء

إذا أراد أدار الراح منطقه ** نظم ويطربنا بالنثر إن شاء!

والله تعالى يبهج نفسه بما يصبح به الحاسد وهو مكمد، ويقر عينه بهذا الولد النجيب حتى لا يبرح يقول: أشكر الله وأحمد، بمحمد وآله.
ومن ذلك ما كتب به الشيخ شمس الدين محمد بن عبد الدائم، لولدي نجم الدين أبي الفتح محمد، حين عرض عليه المنهاج في الفقه للنووي، في سنة ثلاث عشر وثمانمائة؛ وهو: الحمد لله الذي أوضح بنجم الدين منهاج الفقه وأناره، وأفصح لسانه بكتاب من عند الله وأثاره، فسقط أنوار شهابه لمن استنبطه وأثاره- من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين ويرفع مناره- والصلاة والسلام على سيدنا محمد المخصوص بعموم الرسالة، والمنصوص فضله بجميع أنواع الدلالة، وعلى أله وصحبه نجوم الهدى، وشهب التأسي والاقتدا.
وبعد، فقد عرض علي الفقيه الفاضل نجل الأفاضل، وسليل الأماثل، ذو الهمة العلية، والفطنة الذكية، والفطرة الزكية، نجم الدين، أبو عبد الله محمد بن فلان: نفع الله به كما نفع بوالده، وجمع له بين طارف العلم وتالده- مواضع متعددة من المنهاج في فقه الإمام الشافعي المطلبي- رضي الله عنه وعنا به- تأليف الحبر العلامة ولي الله أبي زكريا بن شرف بن مري النووي، سقى الله تعالى ثراه، وجعل لجنة مأواه، دل حفظه لها على حفظ الكتاب، كما فتح الله له مناهج الخير دقه وجله، وكان العرض في يوم كذا.
وكتب علامة العصر الشيخ عز الدين بن جماعة ما صورته:
كذلك عرض علي المذكور باطنها عرضاً حسناً، محرراً مهذباً مجاداً متقناً؛ عرض من أتقن حفظه، وزين بحسن الأداء لفظه، وأجزل له من عين العناية حظه، مر فيه مرور الهملاج الوساع، في فسيح ذي السباع. وقد دلني ذلك منه- نفعه الله تعالى ونفع به، ووصل أسباب الخير بسببه، على علو همته، ووفور أريحيته، وتوقد فكرته، واتقان فطنته؛ وأصله في ذلك كله عريق:
سجية تلك منهم غير محدثةإن الخلائق فاعلم شرها البدع!
وقد أذنت له أن يروي عني الكتاب المذكور، وجميع ما يجوز لي وعني روايته من مصنفاتي وغيرها من منظوم ومنثور، ومنقول ومعقول ومأثور، بشرطه المعتبر، عند أهل الأثر. وكتب فلان في تاريخ كذا.
ومن ذلك ما كتبته لمن اسمه محمد ولقبه شمس الدين من أبناء بعض الإخوان: وقد عرض علي الأربعين حديثاً للشيخ محيي الدين النووي رحمه الله، والورقات في الأصول لإمام الحرمين، واللمحة البدرية في النحو للشيخ أثير الدين أبي حيان دفعة واحدة، وهو لدون عشر سنين؛ وهو: الحمد لله الذي أطلع من دراري الأفاضل في أفق النجابة شمساً، وأظهر من أفاضل الذراري ما يغض به المخالف طرفاً وبرفع به المحالف رأساً، وألحق بالأصل الكريم فرعه في النجابة فطاب جنى وأعرق أصلاً وزكا غرساً وأبرز من ذوي الفطر السليمة من فاق بذكائه الأقران فأدرك العربية في لمحة، وسما بفهمه الثاقب على الأمثال فأمسى وفهم الورقات لديه كالصفحة، وخرق بكرم بدايته العادة فجاز الأربعين لدون العشر وأتى على ذلك بما يشهد له بالصحة، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الذي عمت بركة اسمه الشريف سميه ففاز منها بأوفر نصيب، وخص بإلهام التسمية به أولو الفضل والنهى فما سمي به إلا نجيب، وعلى آله وصحبه الذين أينعت بهم روضة العلم وأزهرت، وأورقت شجرة المعارف وأثمرت.
وبعد، فقد عرض علي فلان مواضع من كتاب كذا وكتاب كذا، فمر فيها مرور الصبا، وجرى في ميدانها جري الجواد فما حاد عن سنن الطريق ولا كبا.
وأما الإجازة بالمرويات على الاستدعاءات: - فمن ذلك ما كتب به الشيخ صلاح الدين الصفدي رحمه الله على استدعاء كتب له به القاضي شهاب الدين أحمد الحنبلي خطيب بيت الآلهه، وكاتب الدست بالشام، يطلب منه فيه الإجازة لنفسه؛ وهو: الحمد لله الذي إذا دعي أجاب، وإذا أنعم على الأديب بذوق أتى في نظمه في العجاب، وإذا وهب البليغ فطرة سليمة لم يكن على حجاه حجاب.
نحمده على نعمه التي منها البلاغة، وأتقان ما لصناعة الإنشاء من حسن الصياغة، وصيد أوابل المعاني التي من أعمل فكره في اقتناصها أو روى أمن رواغه، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة فطر الضمير على إخلاصها، وجبل الفكر على اقتناء أدلتها القانعة واقتناصها، وجعلت وقاية لقائلها يوم يضيق على الخلائق فسيح عراصها، ونشهد أن سيدنا محمداً عبد ورسوله أفصح من نطق بهذا اللسان، وجاء من هذه اللغة العربية بالنكت الحسان، وحث على الخير وحض على الإحسان، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه الذين رووا أقواله، وبلغوا لمن لم يره سننه وأفعاله، وعلموا أن هذه الشرعة المطهرة أذخرها الله تعالى له فلم تكن تصلح إلا له، صلاة هأمية الغفران، نأمية الرضوان ما أجاب مجيب لمن استدعى، وعملت إن المبتدإ نصباً ولم تغير على الخبر رفعاً، وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين.
وبعد، فإن علم الرواية من محاسن الإسلام، وخصائص الفضلاء الذين تخفق لهم ذوائب الطروس وتنتصب رماح الأقلام، ولم تزل رغبة السلف تتوفر عليه، وتشير أنامل إرشادهم للأنام بالحث إليه. قيل للإمام أحمد بن حنبل- رضي الله عنه- ما يشتهي؟ فقال: سند عال، وبيت خال. وما برح الأئمة الكبار يرتحلون إلى أقاصي الأقاليم في طلبه، ويتحملون المشاق والمتاعب فيه ويتجملون بسببه؛ فقد ارتحل الإمام الشافعي رضي الله عنه وغيره إلى عبد الرزاق باليمن، وكان فيمن أخذ عنه ممن هو أحق بالتفضيل عليه قمن؛ ولكنه فن يحتاج إلى ذوق يعاضد من لا يعانده، وأمر لا يصبر عنه من ألفه وما يعلم الشوق إلا من يكابده؛ فما عند من طلب الرواية أجل من أبناء جنسه، ولا عند المفيد المفيد أحلى من قوله: حدثنا فلا أو أنشدنا فلان لنفسه، ولكن:
ما كل من طلب المعالي نافذاً ** فيها ولا كل الرجال فحولا!

ولما كان الشيخ الإمام شهاب الدين أبو العباس أحمد ابن الشيخ ممن نظم فودت الدرر في أفلاكه لو اتسقت، وكتب فرقم الطروس ووشاها، وغشاها من زهرات الرياض ما غشاها، وحل المترجم فسحر عقل كل لبيب وخلب لبه، ووقع على القصد فيه فكأنه شيء من الغيب خص الله به قلبه، وأتى فيه ببدائع ما تساوى ابن الصيرفيولا ابن نباته عندها بحبة، وخطب فصدع القلوب، وأجرى ذنوب المدامع من أهل الذنوب، وحذر فكانت أسجاعه كألحان إسحاق وسامعه يبكي بأجفان يعقوب؛ كأنما هو في حلة الخطابة بدر في غمامة، أو منبره غصن وهو فوقه حمامة، أو بحر وفضائله مثل أمواجه ودره يحكي كلامه؛ لو رآه ابن نباته ما أورقت بالفصاحة أعواده، أو ابن المنير ما رقمت بالبلاغة أبراده، أو ابن تيمية ما حظيت بالجدود أجداده؛ فأراد أن يشرف قدري، ويعرف نكري، فطلب الإجازة مني وأنا أحق بالأخذ عنه، واستدعى ذلك مني: ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه.
فنعم قد استخرت الله تعالى وأجزت له ما يجوز لي تسميعه، وذكرت هنا شيئاً من مروياتي وأشياخي رحمهم الله وذكرت مصنفاتي:
إجازة قاصر عن كل شيء ** يسير من الرواية في مفازه

لمن ملك الفضائل واقتناها ** وجاز مدى العلى سبقا وحازه!

ومن ذلك ما كتب به الشيخ العلامة شمس الدين محمد بن الصائغ على استدعاء لبعض من سأله الإجازة: أقول بعد حمد الله الذي لا يخيب من استجدى كرمه، ولا يخيب من استدعى نعمه، والصلاة على سيدنا محمد وأله وصحبه وخدمه وما اسود مدمه:
ئأثرت الجوى بي إذ أردت جوابي ** وعظمت خطبي إذ قصدت خطابي

ومن أنا في الدنيا أجيب ومن أنا! ** أجيز؟ مضى الأشياخ تحت تراب!

عجيب لطلاب لدينا تخلفوا ** وكم قد أتانا دهرنا بعجاب!

نحن إلى الموبلحة أمر ناي ** عربناه بالعذيب عذاب

يا أخانا: إن بضاعتنا في العلم مزجاة، وصناعتنا في الوقت مرجاة، ونسيم أخباره عليل، وأدب إخباره قليل، وتصانيفي وجوه أكثرها مسودة، وآمالي في تبييضها لقصر الهمم ممتدة؛ سئلت قديماً من بعض الفضلاء أن أعدها، فكتبت فيها رسالة لا أعرف لصقل الأذهان حدها؛ ومن الله بعد ذلك بتصانيف أخر، ومقاطيع إن لم تكن كالزهر فهي كالزهر؛ ثم عدد نيفاً وثلاثين مصنفاً، منها مجمع الفرائد في ست عشرة مجلدة. ثم أنشد في آخر ذلك:
ولقد شرفت قدري ** بنفيس من هدايا

بنظام شنف الس ** مع بدر كالثنايا

فارومني وارو عني ** واغنى عن شد المطايا

وانتق الفضل وحصل ** واحظ مني بمزايا

وتحر الصدق واعلم ** أنه خير الوصايا!

أجزت لك أن تروي هذه وغيرها عني، ولك الفضل في قبول ذلك مني.
الصنف الثاني: التقريضات التي تكتب على المصنفات المصنفة والقصائد المنظومة:
قد جرت العادة أنه إذا صنف في فن من الفنون أو نظم شاعر قصيدة فأجاد فيها أو نحو ذلك، أن يكتب له أهل تلك الصناعة على كتابه أو قصيدته بالتقريض والمدح، ويأتي كل منهم بما في وسعه من البلاغة في ذلك.
فمن ذلك ما كتب به الشيخ صلاح الدين الصفدي على مصنف وضعه الشيخ تاج الدين علي بن الدرهم الموصلي الشافعي في الاستدلال على أن البسملة من أول الفاتحة؛ وهي: وقفت على هذا التصنيف الذي وضعه هذا العلامة، ونشر به في المذهب الشافعي أعلامه، وأصبح ونسبته إليه أشهر علم وأبهر علامة؛ فأقسم ما سام الروض حدائقه، ولا شام أبو شامة بوارقه، كل الأئمة تعترف بما فيه من الأدلة، وكل التصانيف تقول أمامه: بسم الله؛ كم فيه من دليل لا يعارض بما ينقضه، وكم فيه من حجة يكل عنها الخصم لأن عقله على محك النقد يعرضه؛ قد أيد ما ادعاه بالحديث والأثر، ونقل مذهب كل إمام سبق وما عثر؛ لقد سر الشافعي بنص قوله الذي هذبه، وجعل أعلام مذهبه مذهبة، وأتى فيه بنكت تطرب من أسرار الحرف، وفوائد عرف بها ما بين ابن الدرهم وبين البون من البون في تفاوت الصرف:
أكرم به مصنفاً ** فاق تصانيف الورى!

ليل المداد فيه بالمعنى المنير أقمرا!
كم فيه برد حجة ** قد حاكه محررا

وكم دليل سيفه ** إذا التقى خصماً فرى

فلم يكن من بعده ** مخالف قط يرى!!

ومن ذلك ما كتب به المقر الشهابي بن فضل الله على قصيدة ميمية، للشيخ غرس الدين خليل الصفدي المعروف بالصلاح الصفدي، مدح بها الأمير سيف الدين ألجاي الدوادار الناصري، في شهور سنة تسع وعشرين وسبعمائة؛ وهي: وقفت على هذه القصيدة التي أشرقت معانيها فكادت ترى، وتمكنت قوافيها فاستمسك بها الأدب لما كانت الميمات فيها كالعرا، فوجدتها من البلاغة بوزنها على البحر المحيط، لطيفة لا تقاس بأمثالها من الكلام المركب لأنها من البسيط، ونظرت إليها مكتسباً من بيانها سحر الحدق، متعجباً من منشئها لغرس يسرع الأثمار في الورق، ثم فطنت إلى أن الممدوح بها أعزه الله تعالى سحت ديمه فروضت الطروس، وبرحت مناقبه بما كان مصوناً في أخبية النفوس؛ وقد استوجب هذا المادح عطف الله تعالى قلبه عليه من منائحه حظاً جزيلاً، وحباً يقول به لمن قصد المساواة به: لو كنت متخذاً خليلاً لاتخذت فلاناً خليلاً:
مدبر الملك له ** على العلى مقاعد

تهوي إلى جنابه ** القصاد والقصائد!

قلت: وكتبت على قصيدة نظمها شرف الدين عيسى بن حجاج الشاعر المعروف بالعالية، مدح بها النبي صلى الله عليه وسلم وضمنها أنواع البديع، ضاهى بها بديعية الصفي الحلي، في شهور سنة اثنتين وتسعين وسبعمائة، ما صورته: أما بعد حمد الله الذي أحل سحر البيان، وأقدر أهل البلاغة من بديع التخيل على ما يشهد بصحته العيان، وذلل برائض أفكارهم صعاب الألفاظ فامتطوا من متون أحاسنها الجياد، وأوضح لهم طرق الفصاحة فغدت لديهم- بحمد الله تعالى- سهلة القياد، وأحيى ميت الأدب بروح الأنفاس العيسوية وعمر بأنسها ربوعه الخالية، وحمى نفس الفضل في رقعة المساجلة أن تصل إليه فرزاته الدعاوى ولا غزو أن حماها العالية، والصلاة على رسوله محمد صلى الله عليه وسلم أفصح من نطق بالضاد، وأوتي جوامع الكلم فلن تحصر معاني كلامه الأعداد- فإني وقفت على البديعية البديعة التي نظمها الفاضل الأرفع، واللوذعي المصقع، أديب الزمان، وشاعر الأوان، شرف الدين أبو الروح عيسى العالية- أعلى الله تعالى منار أدبه ورفعه على مناويه، وبلغ به من قصب السبق ما يمتنع أن يراه على البعد مضاهيه- فألفيتها الدرة الثمينة غير أنها لا تسام، والخريدة المخدرة إلا أنها لا يليق بها الاحتشام:
تروم احتشاماً ستر لألاء وجهها! ** ومن ذا لذات الحسن يخفي ويستر؟

قد اتخذت من الاحتشام معقلاً وحصناً لا يغشى، وانتدبت من حسادها مكاناً قصياً فلا تخاف دركا ولا تخشى:
ولم أدر والألفاط منها شريفة إلى البدر تسمو أم إلى الشمس ترتقي؟
أراد المدعي بلوغ شأوها الجري في مضمارها فقيل: كلا، ورام الملحد في آياتها الغض منها عناداً فأبى الله إلا:
ما إن لها في الفضل مثل كائن! ** وبيانها أحلى البيان وأمثل!

فأمسوا في معارضتها غير طامعين، وتلت عليهم آيات بلاغتها: فظلت أعناقهم لها خاضعين:
كم جدلت يوم الوغى من جندل ** صاحت به فما أطاق تصبرا!

وكيف لا تخضع لها الأعناق، وتذل لها رقاب الشعراء على الإطلاق، وهي اليتيمة التي أعقمت الأفهام عن مثلها، والفريدة التي اعترف كل طويل النجاد بالقصور عن وصلها:
زادت على من ذا يطيق وصالها؟ ** ومحلها منه الثريا أقرب!

وأنى بذلك وقد أخذت من المحاسن بزمامها، وأحاطت من الطلاوة بكمامها، وأحدقت رياض الأدب بحدائقها، واقتطفت من أفنان الفنون ثمار معان تلذ لناظرها وتحلو لذائقها؟:
ولا تعر غيرها سمعاً ولا نظراً ** في طلعة الشمس ما يغنيك عن زحل

وتصرفت في جميع العلوم وإن كانت على البديع مقصورة، وشرفت بشرف متعلقها فأصبحت بالشرف مشهورة:
أهانت الدر حتى ماله ثمن ** وأرخصت قيمة الأمثال والخطبا!

لا جرم أضحت أم القصائد وكعبة القصاد، ومحط الرحال ومنهل الوارد، فأربت في الشهرة على المثل السائر، واعترف بفضلها جزالة البادي وسهولة الحاضر:
فللأ فاضل في عليائها سمر ** إن الحديث عن العلياء أسمارا!

فأعجب بها من بادرة جمعت بين متضادين سمر وسمر، وقرنت بين متباعدين زهر وزهر، وجادت بمستنزهين روض ونهر، وتفننت في أساليب الكلام وجالت، وطاوعتها يد المقال فقالت وطالت، ودعت فرسان العربية إلى المبارزة فنكسوا، وتحقق المفلقون العجز عن مؤاخاتها ولو حرصوا:
فاعرب عن كل المعاني فصيحها ** بما عجزت عنه نزار ويعرب!

إن ذكرت ألفاظها فما الدر المنثور؟ أو جليت معانيها أخجلت الروض الممطور، أو اعتبر وزنها فاق الذهب تحريراً، أو قوبلت قوافيها بغيرها زكت توفيراً وسمت توقيراً، أو تغزلت أسكتت الورق في الأغصان، أو امتدحت قفت إثر كعب وسلكت سبيل حسان؛ فإطنابها- لفصاحتها- لا يعد إطناباً، وإيجازها- لبلاغتها- يمد على المعاني من حسن السبك أطناباً:
أبن لي مغزاها أخا الفهم إنها ** إلى الفضل تعزى أو إلى المجد تنسب؟

هذا وبراعة مطلعها تحث على سماع باقيها شغفاً، وبديع مخلصها يسترق الأسماع لطافة ويسترق القلوب كلفاً، وحسن اختتامها تكاد النفوس لحلاوة مقطعه تذوب عليها أسفاً:
لها براهين البيان شواهد ** إذ الفضل ورد والمعالي موارد!

وبالجملة فمآثرها الجميلة لا تحصى، وجمائلها المأثورة لا تعد ولا تستقى؛ فكأنما قس بن ساعدة يأتم بفصاحتها، وابن المقفع يهتدي بهديها ويروي عن بلاغتها، وامرؤ القيس يقتبس من صنعة شعرها، والأعشى يستضيء بطلعة بدرها؛ فلو رآه جرير لرأى أن نظمه جريرة اقترفها، أو سمعها الفرزدق لعرف فضلها وتحقق شرفها، أو بصر بها حبيب بن أوس لأحب أن يكون من رواتها، أو اطلع عليها المتنبي لتحير بين جميل ذاتها وحسن أدواتها:
فللبصائر هاد من فضائلها ** يهدي أولي الفضل إن ضلوا وإن حاروا

ولا نطيل فمبلغ القول فيها أن آيتها المحكمة ناشخة لما قبلها، وبرهانها القاطع قاض بأن لا تسمح قريحة أن تنسج على منوالها ولا يطمع شاعر أن يسلك سبلها:
وآيتها الكبرى التي دل فضلها ** على أن من لم يشهد الفضل جاحد!